قصة إسحاق عليه السلام: نبي البركة والوعد الإلهي
المقدمة
يُعد إسحاق عليه السلام أحد أنبياء الله العظام، وهو ابن النبي إبراهيم عليه السلام من زوجته سارة، وأخو النبي إسماعيل عليه السلام. كان إسحاق عليه السلام هدية من الله لوالديه في شيخوختهما، وهو النبي الذي جاء امتدادًا لبركة إبراهيم عليه السلام في ذريته، فكان من نسله الأنبياء العظام مثل يعقوب ويوسف وغيرهم.
كان إسحاق عليه السلام نبيًّا صالحًا، حمل رسالة التوحيد ونشر دين الله بين قومه، وقد اختاره الله ليكون جزءًا من السلسلة النبوية المباركة، التي امتدت حتى وصول نبي الله موسى وعيسى عليهم السلام.
تحمل قصته العديد من الدروس والعبر، وتوضح لنا كيف أن الله يحقق وعوده لعباده الصالحين، وكيف أن الصبر والتوكل على الله يجلبان الخير والبركة.
البشرى بمولد إسحاق عليه السلام
كانت سارة زوجة إبراهيم عليه السلام امرأة عاقرًا، ولم تنجب له طوال حياتها، حتى بلغت سنًا كبيرًا. وعندما رأت أن زوجها إبراهيم يتمنى الذرية، وهبته جاريتها هاجر، فرزقه الله إسماعيل عليه السلام.
وبعد سنوات، جاء الملائكة إلى إبراهيم عليه السلام في هيئة رجال، وأخبروه بأنهم مرسلون لإهلاك قوم لوط، لكن قبل ذلك بشّروه بميلاد إسحاق، فتعجبت سارة من الأمر، وقالت باستغراب:
﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾
(هود: 72)
لكن الملائكة طمأنتها بأن ذلك أمر الله، وهو قادر على كل شيء، فقالوا:
﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾
(هود: 73)
وبالفعل، تحقق وعد الله، وولدت سارة ابنها إسحاق، وكان ذلك معجزة، لأن والديه كانا كبيرين في السن.
نشأة إسحاق عليه السلام
نشأ إسحاق عليه السلام في بيت النبوة، وتعلم من أبيه إبراهيم عليه السلام تعاليم التوحيد، وكان يرى والده كيف يدعو إلى عبادة الله، ويواجه المشركين بالحكمة والصبر. وقد ورث عنه النبوة، فكان نبيًّا يدعو إلى عبادة الله، وينشر تعاليم الدين بين قومه.
إسحاق عليه السلام في القرآن الكريم
ذكر الله تعالى إسحاق عليه السلام في القرآن في مواضع كثيرة، منها:
البشارة بمولده:
﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾
(الصافات: 112)التأكيد على كونه من الصالحين:
﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ﴾
(ص: 45)أنه كان مباركًا:
﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾
(الصافات: 113)
زواج إسحاق عليه السلام وذريته
تزوج إسحاق عليه السلام من امرأة تُدعى رفقة، وقد أنجب يعقوب عليه السلام، الذي أصبح نبيًا أيضًا، وعُرف باسم إسرائيل، وهو الذي جاء من نسله بنو إسرائيل.
وقد أحب إسحاق ابنه يعقوب كثيرًا، وكان يعلمه الحكمة والإيمان، وأوصاه بأن يتمسك بدين إبراهيم عليه السلام.
دعوة إسحاق عليه السلام
كان إسحاق عليه السلام نبيًا يدعو إلى عبادة الله وحده، وينهى قومه عن الشرك والفساد. وقد كان مثالًا في الأخلاق والصبر، وكان يعظ الناس بالحكمة والموعظة الحسنة.
وبعد وفاة والده إبراهيم عليه السلام، استمر إسحاق في نشر دعوة التوحيد، وكان قومه في ذلك الوقت من الحنفاء الذين يتبعون دين إبراهيم.
وفاة إسحاق عليه السلام
عاش إسحاق عليه السلام عمرًا طويلًا، يُقال إنه توفي عن عمر يناهز 180 عامًا، ودفن في الخليل بفلسطين، بجوار والده إبراهيم عليه السلام.
الدروس المستفادة من قصة إسحاق عليه السلام
- قدرة الله على تحقيق المعجزات: فقد وُلد إسحاق رغم أن أمه كانت عجوزًا وأبوه شيخًا كبيرًا.
- الصبر والتوكل على الله: فقد كان إسحاق نبيًّا صابرًا على الشدائد.
- بركة الذرية الصالحة: فقد كان من نسل إسحاق أنبياء عظام، مثل يعقوب ويوسف عليهم السلام.
- نشر التوحيد والإيمان: فقد استمر إسحاق في نشر دعوة والده إبراهيم عليه السلام.
- الوفاء بوعد الله: فقد وعد الله إبراهيم بالبركة في ذريته، وحقق له ذلك من خلال إسماعيل وإسحاق.
الخاتمة
إن قصة إسحاق عليه السلام مثال رائع على رحمة الله بعباده، وقدرته على تحقيق المستحيل. فقد كان مولده معجزة، وكان حياته مليئة بالبركة والخير، كما كان نموذجًا في الصبر والعبادة.
وقد اختاره الله ليكون من أنبياء بني إسرائيل، وكانت ذريته استمرارًا لبركة إبراهيم، حتى جاء من نسلهم النبي موسى وعيسى عليهما السلام، ليكملوا مسيرة الدعوة إلى التوحيد.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يسيرون على خطى الأنبياء، وأن يرزقنا الصبر والإيمان والتوكل عليه، كما كان حال إسحاق عليه السلام.
الكلمات المفتاحية
قصة إسحاق عليه السلام، نبي الله إسحاق، بشرى إسحاق، مولد إسحاق، نبوءة إسحاق، إسحاق في القرآن، ذرية إسحاق، يعقوب ابن إسحاق، وفاة إسحاق، دروس من قصة إسحاق، موسوعة أبو تيام.
