قصة إبليس : نشأته، معصيته، وعلاقته بالبشر

قصة إبليس : نشأته، معصيته، وعلاقته بالبشر

تُعتبر قصة إبليس من أعظم القصص التي وردت في القرآن الكريم، إذ تتعلق ببداية الخلق والصراع بين الخير والشر، وهي قصة تحمل الكثير من الدروس والعبر حول الكبر، الغرور، الطاعة، والعصيان. لقد وردت القصة في العديد من السور، مثل البقرة، الأعراف، الحجر، الإسراء، الكهف، وصاد.




نشأة إبليس ومكانته قبل المعصية

إبليس كان من الجن، وقد رُوي أنه كان من أعبد المخلوقات قبل معصيته. كان يعيش بين الملائكة بسبب عبادته الكبيرة، حتى أصبح ذا مكانة رفيعة. ولكن مع ذلك، لم يكن من الملائكة، بل كان من الجن كما قال الله تعالى:

﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ (الكهف: 50).


قصة رفض إبليس السجود لآدم

عندما خلق الله آدم عليه السلام، أمر الملائكة وإبليس بالسجود له تكريمًا له، وليس عبادةً. فجميع الملائكة سجدوا إلا إبليس، حيث رفض تنفيذ أمر الله. قال الله تعالى في سورة الأعراف:

﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12)﴾.

رفض إبليس السجود لآدم بسبب الغرور والكبر، واعتقد أنه أفضل من آدم لأنه مخلوق من نار بينما آدم من طين.


طرد إبليس من رحمة الله

بسبب رفضه أمر الله، غضب الله عليه وطرده من رحمته، ولعنه حتى يوم القيامة. قال تعالى:

﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)﴾ (الأعراف: 13).

ولكن إبليس لم يتب ولم يعترف بخطئه، بل طلب من الله أن يُمهله حتى يوم القيامة ليضل البشر، وقال:

﴿قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15)﴾ (الأعراف: 14-15).

وافق الله على طلبه، ولكنه حذره من عاقبته المحتومة، حيث سيكون مصيره جهنم وبئس المصير، ومعه كل من يتبعه من بني آدم.


مخطط إبليس لإغواء البشر

بعد طرده من الجنة، توعد إبليس بإغواء البشر وإبعادهم عن طريق الحق. قال الله عنه:

﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)﴾ (الأعراف: 16-17).

وهو هنا يبين استراتيجيته في إغواء البشر:

  1. إغواؤهم من كل الاتجاهات: من الأمام والخلف، وعن اليمين والشمال.
  2. جعْلهم غير شاكرين لله.
  3. إبعادهم عن العبادة والطاعة.
  4. إيقاعهم في الشهوات والفتن.


محاولته الأولى لإغواء الإنسان: قصة آدم وحواء

بعد أن خلق الله آدم وأسكنه في الجنة مع زوجته حواء، بدأ إبليس في تنفيذ خطته. فوسوس لهما بالأكل من الشجرة المحرمة، وقال لهما إن الأكل منها سيجعلهما خالدين. قال تعالى:

﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ (الأعراف: 20).

سقط آدم وحواء في الفخ، وأكلا من الشجرة، فبدت لهما عوراتهما، وأدركا خطأهما. لكنهما تابا إلى الله، فغفر لهما، بينما إبليس بقي على كبره وكفره.


الدروس المستفادة من قصة إبليس

  1. الغرور يؤدي إلى الهلاك: إبليس كان في مرتبة عالية، لكنه سقط بسبب تكبره.
  2. طاعة الله هي السبيل الوحيد للنجاة: مخالفة أمر الله تؤدي إلى العذاب، كما حدث لإبليس.
  3. الشيطان عدو للبشر: هدفه الرئيسي هو إبعاد الإنسان عن الله.
  4. التوبة مفتاح النجاة: آدم وحواء أخطآ، لكنهما استغفرا، فغفر الله لهما.
  5. الاستعاذة بالله ضرورية: لحماية النفس من وساوس الشيطان، يجب أن نكثر من ذكر الله والاستعاذة به.


الخاتمة

قصة إبليس تعلمنا أهمية التواضع، وطاعة الله، والحذر من الغرور والعصيان. يجب علينا أن نكون على دراية بحيل الشيطان، وأن نلجأ إلى الله لننجو من وساوسه.

نسأل الله أن يثبتنا على الحق، وأن يحفظنا من مكر الشيطان، إنه سميع مجيب.

Admin Vip
Admin Vip
تعليقات