قصة ذو القرنين القائد العادل وحامي البشرية

قصة ذو القرنين القائد العادل وحامي البشرية



مقدمة

قصة ذو القرنين من أعظم القصص التي وردت في القرآن الكريم وتحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر عن العدل والقوة والحكمة والإيمان بالله وهي قصة قائد عظيم جاب الأرض لنشر الخير والعدل وحماية المستضعفين من بطش الظالمين وقد وردت قصته في سورة الكهف حيث جاء ذكره كرد على تساؤلات وجهها أهل مكة للنبي محمد ﷺ بإيعاز من اليهود فقد سألوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها فجاء الرد في القرآن الكريم ليحكي لنا عن هذا القائد الفذ

يتميز ذو القرنين بأنه كان ملكًا صالحًا مكن الله له في الأرض فجمع بين القوة في الحكم والعدل في التصرف كما كان رجلًا مؤمنًا موحدًا ينسب كل إنجازاته إلى الله سبحانه وتعالى وليس إلى قوته الذاتية وقد اشتهر ببناء السد الذي حمى به الناس من خطر يأجوج ومأجوج الذين كانوا مفسدين في الأرض

في هذا المقال سنخوض في تفاصيل قصة ذو القرنين ونتعرف على رحلاته الثلاث الشهيرة كما وردت في القرآن الكريم وسنتناول العبر المستفادة من القصة وكذلك الآراء المختلفة حول هويته ومكان وقوع الأحداث

من هو ذو القرنين

ذو القرنين هو شخصية عظيمة ذكرها القرآن الكريم دون أن يحدد اسمه الحقيقي أو زمنه ولكن اتفق المفسرون على أنه كان ملكًا صالحًا مكنه الله في الأرض وأعطاه وسائل القوة والحكم وكان يجوب الأرض لنشر العدل ومحاربة الفساد

لقد اختلف العلماء في تحديد من هو ذو القرنين فالبعض يرى أنه الإسكندر المقدوني الذي فتح بلادًا واسعة في زمنه لكن هذا الرأي ضعيف لأن الإسكندر كان وثنيًا أما ذو القرنين فكان مؤمنًا بالله أما الرأي الآخر فهو أنه كان أحد ملوك الفرس العظام والبعض يرى أنه ملك من ملوك اليمن وكل هذه اجتهادات لم يثبت أي منها بشكل قاطع والمهم في القصة ليس هويته بل العبر التي تحملها

تفاصيل قصة ذو القرنين في القرآن الكريم

التمكين والقوة التي منحها الله له

يقول الله تعالى في سورة الكهف إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببًا وهذا يدل على أن الله أعطاه من القوة والعلم ما يجعله قادرًا على تحقيق العدل والتنقل في أرجاء الأرض لنشر الخير

رحلة ذو القرنين إلى المغرب

بدأ ذو القرنين رحلاته بالاتجاه نحو الغرب حتى وصل إلى المكان الذي بدت فيه الشمس كأنها تغرب في عين حمئة أي ماء طيني وهناك وجد قومًا فخيره الله بين أن يعاقبهم أو يحسن إليهم لكنه اختار العدل فقال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابًا نكرًا وأما من آمن وعمل صالحًا فله جزاءً حسنًا وهذا يدل على عدله في التعامل مع الناس حيث عاقب الظالم وأكرم المحسن

رحلته إلى المشرق

بعد ذلك اتجه ذو القرنين إلى الشرق حتى وصل إلى قوم لم يكن لهم ستر يحميهم من الشمس أي أنهم كانوا يعيشون في أرض مكشوفة بدون مظلات أو جبال تحميهم فلم يؤذهم بل تركهم على حالهم ولم يذكر القرآن الكريم تفاصيل كثيرة عنهم سوى أن ذو القرنين لم يتدخل في حياتهم

بناء السد لحماية الناس من يأجوج ومأجوج

في رحلته الأخيرة وصل ذو القرنين إلى منطقة بين جبلين حيث وجد قومًا يشتكون من ظلم يأجوج ومأجوج وهم قبائل همجية كانوا يفسدون في الأرض فطلبوا من ذو القرنين أن يبني لهم سدًا مقابل أجر مالي لكنه رفض أخذ المال وقال ما مكنني فيه ربي خير أي أن الله أعطاه من القوة والرزق ما يغنيه عن أموالهم ولكنه طلب مساعدتهم في العمل

قام ذو القرنين ببناء سد عظيم من الحديد والنحاس المصهور فجعل بين يأجوج ومأجوج وبين الناس حاجزًا منيعًا حتى لا يستطيعوا الخروج منه بسرعة وقال لهم هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان هذا إشارة إلى أن السد سيبقى حتى يأتي أمر الله في آخر الزمان

العبر المستفادة من قصة ذو القرنين

أهمية العدل في الحكم فقد كان ذو القرنين نموذجًا للحاكم العادل الذي ينصف المظلوم ويؤدب الظالم

التوكل على الله والإيمان بأن القوة والتمكين في الأرض هما من عند الله وليس من قدرات الإنسان الذاتية

عدم الطمع في المال فقد رفض ذو القرنين أخذ المال مقابل بناء السد وهذا يبين لنا أن الحاكم الصالح يعمل لأجل الخير وليس لجمع الثروات

العمل الجماعي في مواجهة التحديات فقد طلب ذو القرنين من القوم مساعدته في بناء السد وهذا يدل على أهمية التعاون لتحقيق الأهداف الكبيرة

الآراء حول هوية ذو القرنين وموقع السد

اختلف العلماء في تحديد شخصية ذو القرنين فقيل إنه كان ملكًا من الفرس أو من اليمن أو حتى أنه أحد الأنبياء لكن القرآن لم يذكر ذلك بشكل صريح مما يجعل هويته غير مؤكدة

أما بالنسبة لموقع السد فقد قيل إنه يقع في منطقة ما بين الصين ومنغوليا أو في آسيا الوسطى حيث توجد آثار قديمة تشبه الأوصاف المذكورة في القرآن لكن لم يتم العثور على دليل قاطع حتى الآن

خاتمة

قصة ذو القرنين واحدة من أروع القصص القرآنية التي تحمل دروسًا عظيمة في العدل والحكمة والتوكل على الله فقد كان هذا القائد العادل نموذجًا للحاكم الذي لا يطغى بسلطته بل يستخدمها لنشر الخير وحماية الضعفاء ونصرة الحق

كما أن قصة بناء السد تعكس أهمية التخطيط والعمل الجماعي لمواجهة المخاطر وهي تذكرنا بأن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بالله والعمل الصالح وليس في البطش والظلم

لقد ترك ذو القرنين بصمة عظيمة في التاريخ ونموذجًا يحتذى به لكل من يتولى مسؤولية الحكم والقيادة ونتمنى أن نستلهم من سيرته العطرة قيم العدالة والرحمة والتوكل على الله

Admin Vip
Admin Vip
تعليقات